أبخرة زيوت طهي الطعام تسبب السرطان
تضاعفت معدلات التلوث على مستوى العالم، ولم يعد بٌعد المكان يجنبنا مخاطر التلوث، فإذا زادت نسبة التلوث في الغرب تأثر بها الشرق، وإن وجد في الشمال تأثر به الجنوب، ليس لشيء إلا لأن المعدلات قد زادت عن الحد المسموح، ولم يعد التلوث بأنواعه المختلفة قاصرا على الهواء أو الماء أو التربة، وهذا ما يسمى التلوث الخارجي
بل تخطاه ليصل إلى داخل البنايات أو داخل المنازل، سواء أكان الملوث بيولوجيا مثل الجراثيم والفيروسات والبكتيريا الناشئة من قلة الوعي الصحي لدى الإنسان أو الاستهانة أحيانا التي تصل لدرجة الإهمال، أو كان الملوث كيميائيا مثل دخان السجائر أو مبيدات الحشرات، أو المنظفات، أو حتى من أبخرة الطهي مثل أبخرة زيوت الطهي.
وقد أجرى العلماء الصينيون دراسات على أبخرة زيوت طهي الطعام، وأسفرت هذه الدراسات عن وجود مواد شديدة السمية ومواد مسرطنة تتصاعد عند غليان الزيوت وهذه المواد عبارة عن مركبات أروماتية عديدة الحلقات، تتكون من الكربون والهيدروجين أوpolycyclic aromatic hydrocarbons مثل البنزو بيرين والبنزو أنثراسين وغيرها من المواد التي تسبب سرطان الرئة.
هذا وقد أجرى الصينيون هذه الأبحاث نتيجة ارتفاع عدد السيدات اللائي أُصبن بسرطان الرئة، مع كونهن غير مدخنات، لكنهن كن يعانين جميعهن من سوء تهوية مطابخهن، وليس الصينيون هم المعنيون بهذا الأمر، نظرا لطبيعة الطريقة الصينية في إعداد الطعام، ولكن أيضا بعض دول الغرب مثل أمريكا وبريطانيا أدركوا هذا الخطر.
لكن في الصين المشكلة أكبر لطبيعة نظام الطهي الصيني، فهم يستخدمون درجات حرارة عالية جدا، وكميات كبيرة من الزيوت، لذلك فكرة البحث عن حل وقائي يمكن أن تقلل الإصابة بهذا المرض كانت من أهم اهتماماتهم.
والمؤسف أن هذه المركبات المسرطنة (البنزو بيرين وغيرها) موجودة أيضا في دخان السجائر، مما يجعلنا نتكاتف سويا وبشدة لمحاربة التدخين، وتوعية المواطنين ضد خطورة التدخين السلبي، أيضا تتواجد هذه المركبات المسرطنة (البنزو بيرين وغيرها) في عوادم السيارات، مما يشعرنا بجسامة التلوث الحادث للبيئة ومدى ما يمكن أن يسببه من مخاطر على مستوى صحة الإنسان، هذه دعوة للسيدات والرجال، خاصة من الطهاة أن يحرصوا بقدر الإمكان على عدم التعرض لهذا البخار السام والمسرطن، وفي دراسة لي وجدت أن لتناول فيتامين هاء دور فعال في منع حدوث هذه الأضرار بشكل كبير ومٌرض، وهذا الفيتامين وغيره من مضادات الأكسدة منتشر في الخضراوات والفاكهة، لذلك أنصح بوجبة غذائية متزنة تكون غنية بالخضراوات والفاكهة، نظراً لغناها بهذه المواد المفيدة.
ومن الأهمية بمكان ذكر أن علماء التغذية مشغولون بهذا الموضوع، مما دفعهم إلى التفكير في كيفية تقليل تصاعد هذه المركبات المسرطنة في الأبخرة، منهم من وضع بعض الفيتامينات في الزيت أثناء عملية الغليان، ووجد انخفاضا ملحوظا في كمية المركبات المسرطنة المتصاعدة في أبخرة الزيت والبعض الآخر اتجه لإضافة بعض الأعشاب مثل الروزمارى أو (حصى البان) وهذا كان مبهراً في نتائجه، وهو أيضا من مضادات الأكسدة.
كما يسبب بخار الزيت أيضا التهابات في العين والحنجرة، ولقد وجد العلماء أن من يصاب بهذه الالتهابات هو الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، بمعنى أن من يصاب بالالتهابات هو الأكثر حساسية لاستقبال هذا المرض، وهذا ممكن جدا أن نعتبره إنذارا مبكرا لتجنب هذا المرض الخطير.
وهذه بعض الإرشادات التي تمكنا من تجنب هذه المخاطر:
1- استخدام الشفاط لكي نتخلص من هذه الأبخرة السامة والمسرطنة، وأفضلهم الشفاط المسطح الموضوع أعلى البوتاجاز مباشرة.
2- تناول مضادات الأكسدة الممثلة في بعض الأملاح والفيتامينات، ويمكن الحصول عليها بوفرة في الخضراوات والفاكهة.
3- عدم التعرض فترات طويلة لهذه الأبخرة باعتبار أن الوقاية خير من العلاج.
4- يجب أن يكون المطبخ جيد التهوية.
5- عدم انتظار الزيت كي يصل إلى درجة الغليان، بمعنى أن نضع ما نريد تحميره أو قليه مباشرة عند وضعه على النار.
6- تغيير بعض عادات الطهي وبعض عادات التغذية بمعنى استخدام الغليان والبخار في عملية الطهي، بدلا من التحمير والقلي، لتجنب التعرض لمثل هذه المواد السامة.
7- عدم استخدام الزيت لأكثر من مرة.
8- الاهتمام بالأعشاب كبديل آمن وفعال ورخيص للأدوية المخلقة، فهناك من يضع بعض الأحماض التي تقلل من تصاعد المواد السامة مع أبخرة الزيوت، لذلك أوصى بوضع الروزمارى أو المريمية أو الزعتر بكمية قليلة على الزيت، بمجرد وضعه على النار.
9- الاهتمام بالبيئة على المستوى الشخصي والمستوى العام.
10- نشر الوعي الصحي الشخصي.
11- التأكيد على عدم زيادة عوادم السيارات بوجه عام.
12- محاربة التدخين وتوعية الناس لتجنب التدخين السلبي.
الدكتور فهمي جاد السعيد.
أستاذ مساعد علم وظائف الأعضاء - قسم علوم الحياة
جامعة الملك خالد
المصدر:
-
جريدة الوطن

















