ينصح بإجراء فحص دوري لمن تجاوز الأربعين للقولون.. والعلاج الجراحي أو الإشعاعي أو الكيميائي لعلاج سرطان القولون و المستقيم
سرطان القولون و المستقيم
يعتبر سرطان القولون والمستقيم من السرطانات الشائع انتشارها في المملكة، ويقوم الباحثون بدراسة أنماط سرطان القولون والمستقيم بين السكان لمعرفة الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذا الداء ومسبباته، ولتسليط الضوء على سرطان القولون أجرينا الحوار التالي مع الدكتور مازن حميد استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي:
* د. مازن.. هل لك أن تعرف لنا القولون والمستقيم؟
- القولون هو الجزء السفلي من الجهاز الهضمي، ويسمى أيضاً الأمعاء الغليظة أو المصران الغليظ، وهو عبارة عن آخر خمسة إلى ستة أقدام من الأمعاء في حين أن آخر 20-25 سم من القولون هي المستقيم، تمر الفضلات نصف الصلبة والصلبة عقب هضم الطعام عبر القولون إلى الشرج حيث يتخلص منها الجسم عن طريق الإخراج.
* ما هي الأعراض التي تدل على إصابة القولون بمرض ما؟
- قد تظهر بعض الأعراض لدى تأثر القولون بمرض ما تنذر هذه العلامات باحتمال وجود مشكلة ومنها: إسهال أو إمساك، أو دم في البراز (سواء كان لون الدم فاتحاً أو شديد القتامة)، أو البراز أرفع بكثير عن المعتاد، أو انزعاج عام بالبطن (انتفاخ، امتلاء، مغص)، أو آلام بطنية متكررة، و الشعور بأن الأمعاء غير فارغة تماماً، وغير ذلك.
* ما هي هذه المشاكل التي تنتج عنها الأعراض التي سبق ذكرها؟
- تحدث الأعراض المذكورة كنتيجة للإصابة بعدة أمراض كتشنج، أوالتهاب القولون أو حتى السرطان, ومن المهم جداً مراجعة الطبيب إذا استمر أحد تلك الأعراض لمدة تزيد عن أسبوعين حيث ينبغي تشخيص وعلاج أي داء في أسرع وقت ممكن خاصة سرطان القولون والمستقيم.
* هل لك دكتور أن تذكر لنا ما هو السرطان؟
- السرطان في واقع الأمر مجموعة من الأمراض، وتزيد أنواعه المختلفة عن المائة إلا أنها في مجملها عبارة عن مرض يلم ببعض خلايا الجسم، تتكون أنسجة الجسم من خلايا صحية تنمو وتنقسم وتتضاعف من تلقاء نفسها بطريقة منتظمة تعمل على حفظ الجسم في حالة جيدة، إلا أنه وفي بعض الأحيان تفقد هذه الخلايا الطبيعية قدرتها على عملية النمو الطبيعي وتوجيهها بحيث يصبح الانقسام سريعاً جداً ودونما أي انتظام فيزداد إنتاج الأنسجة بشكل كبير وغير منتظم، وتبدأ بذلك الأورام بالتشكل بأحد نوعيها إما حميد أو خبيث، فالأورام الحميدة هي عبارة عن أورام غير سرطانية، لا تنتشر في أجزاء الجسم الأخرى، ونادراً ما تشكل خطراً على حياة المريض، وعادةً ما تتم إزالتها بواسطة الجراحة كما أنها لا تعود في غالب الأمر، أما الأورام الخبيثة فهي عبارة عن أورام سرطانية، تستطيع مهاجمة وتدمير الأنسجة والأعضاء المجاورة لها، كما يمكنها الانتشار في أجزاء مختلفة من الجسم (نقيلات) بدخولها إلى مجرى الدم أو الجهاز اللمفي وتكوين أورام جديدة في أمكنه بعيدة عن بدء الورم الأصلي ونظراً لقدرة السرطان على الانتشار فإنه من المهم للطبيب أن يكتشف وجود الورم وفيما إذا كان سرطاناً في مرحلة مبكرة، وحالما يتم تشخيص الحالة يستطيع الطبيب أن يبدأ المعالجة المناسبة حسب المرحلة.
* كيف يتم تشخيص سرطان القولون والمستقيم؟
- إذا أشارت الأعراض التي يشعر بها الشخص إلى احتمال إصابته بسرطان القولون أو المستقيم سيسأل الطبيب المريض عن تاريخه الطبي، وسيجرى له فحصاً كاملاً، فبالإضافة إلى فحص العلامات الحيوية (الحرارة، والنبض، وضغط الدم) عادة ما يجري الطبيب فحوصاً عديدة منها فحص منطقة المستقيم بإدخال الإصبع بعد ارتداء قفاز لين إلى المستقيم ليتحسس بلطف إذا ما كان هناك أية أورام، أو أن يجري (تنظيراً) يعاين من خلاله المستقيم، حيث يستخدم لهذا الإجراء جهازاً خفيفاً بلاستيكياً يدعى منظار المستقيم الشرجي، ويتم إدخاله عبر المستقيم، بعض هذه المناظير صلبة، والبعض الآخر مرنة تتيح للطبيب معاينة أسفل القولون، ويتم اكتشاف بعض حالات سرطان القولون والمستقيم بواسطة هذا المنظار، عقب هذه الخطوات الأولية من الفحص، قد يطلب الطبيب بعض الفحوص المخبرية وفحوصاً أخرى، فقد يطلب الطبيب من المريض عينة براز لمعرفة ما إذا كان هناك دم في البراز، ثم يتم إرسال العينة إلى المختبر لفحصها، وفي بعض الأحيان قد يرغب الطبيب في معاينة طول القولون بأكمله، حيث يستخدم منظاراً للقولون عبارة عن أنبوب مرن ورفيع ذي إضاءة في آخره.
وفي حال تم العثور على ورم سيقوم الطبي بأخذ عينة صغيرة لفحصها في المختبر، ويدعى هذا الإجراء بالخزعة حيث أنها تعتبر الطريقة الوحيدة الأكيدة لمعرفة ما إذا كان الورم سرطاناً، وفي حالات عديدة يستطيع الطبيب استخدام منظار القولون لإزالة الورم برمته، كما قد يطلب الطبيب إجراء التصوير الإشعاعي بحقنة الباريوم، وهو عبارة عن تصوير القولون بالأشعة السينية عقب إعطاء حقنة شرجية بسائل الباريوم الكثيف إلى الأمعاء.
يظهر الباريوم شكل القولون في التصوير السيني مما يساعد الطبيب على معاينة الأورام، أو أي مناطق يشتبه إصابتها، ولم تظهر في الفحوص الأخرى، إذا كان الورم حميداً تتم إزالته على الأرجح دون حدوث مزيد من المشاكل، أما إذا كان الورم سرطاناً فقد يرغب الطبيب في إجراء مزيد من الفحوص التشخيصية أو العلاج.
* ما هي الطرق العلاجيه للسرطان؟
- عادة ما يتم التعرف على مراحل السرطان أثناء الخطوات الأولى من المعالجة، حيث تظهر الفحوص المرحلية ما إذا كان الداء قد انتشر من منشئه في القولون أو المستقيم إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويعد تحديد مرحلة الداء أمراً ضرورياً جداً لأنه يساعد الطبيب على تخطيط أفضل معالجة ممكنة، وغالباً ما سيطلب الطبيب خلال فترة تحديد مراحل الداء إجراء التصوير الإشعاعي السيني أو المقطعي للرئتين والكبد، والكلى، والمثانة، وفي بعض الأحيان يتم طلب فحوصات دم خاصه ترفع نسبتها في الدم لشخص مصاب بسرطان القولون أو المستقيم، يقوم الطبيب حينئذ بوضع خطة علاجية تتناسب وتاريخ المريض الطبي، وعمره، وصحته العامة، وكذلك مكان الإصابة بالسرطان ومدى انتشاره.
أما بالنسبة لطرق العلاج فيوجد ثلاث طرق رئيسية لعلاج سرطان القولون والمستقيم هي العلاج الجراحي أو الإشعاعي أو الكيميائي، وقد يستخدم الطبيب إحدى هذه الطرق أو يستخدمها مجتمعة وفق احتياج كل مريض على حدة، وفي بعض الحالات قد يحال المريض إلى عدة إخصائيين في علاج أنواع مختلفة من السرطان، ويعتبر العلاج الجراحي هو العلاج الرئيسي لأغلب مرضى سرطان القولون والمستقيم وغالباً ما يعتمد نوع الجراحة على مكان الورم وحجمه.
أما بالنسبه للعلاج الإشعاعي فيتم استخدام أشعة مرتفعة الطاقة لوقف نمو خلايا السرطان وانتشارها، وتستخدم في أحوال كثيرة بعد العملية الجراحية لإبادة أي خلايا سرطانية يحتمل بقاؤها، كما يمكن أحياناً استخدام الأشعة قبل الجراحة لتقليص حجم الورم، ويتلقى غالبية المرضى العلاج الإشعاعي في العيادة الخارجية، أما إذا استخدمت العقاقير في علاج السرطان فذلك هو ما يدعى (العلاج الكيميائي).
العلاج الكيميائي المساعد هو عبارة عقاقير كيميائية تستخدم عقب العلاج الجراحي أو الإشعاعي في حال وجود ما يثير اشتباه بقايا خلايا سرطانية في الجسم، كما يمكن استخدام العقاقير المضادة للسرطان لدى ظهور علامات انتشار الداء، وعادة ما يتلقى المرضى الأنواع المتعددة من عقاقير علاج السرطان بطرق مختلفة: كالفم، أو الحقن داخل العضل، أو الشريان المغذي الخاص بمنطقة الإصابه وهذا النوع عادةً يعتبر شائعاً بسرطان الكبد وليس القولون، أو الوريد حيث تسري ضمن مجرى الدم إلى جميع أجزاء الجسم تقريباً، وأكثر ما يعطى العلاج الكيميائي عن طريق الوريد، وتعتمد ضرورة بقاء المريض في المستشفى لبضعة أيام على نوعية العقاقير المستخدمة بهدف مراقبة أثرها عليه، وغالباً ما يعطى العلاج الكيميائي على شكل دورات واحدة تلو الأخرى تتخللها فترات للراحة.
* ماذا عن التأثيرات الجانبيه لعلاجات السرطان؟
- ينبغي أن يكون علاج السرطان قوياً نظراً لكونه داء يمكن انتشاره، ويصعب الحد من التأثيرات الناجمة عن العلاج الكيميائي والإشعاعي لتنحصر فقط في القضاء على الخلايا السرطانية، حيث يحتمل أن يطال الضرر أيضاً خلايا الجسم السليمة في الوقت ذاته، الأمر الذي يفسر أسباب حدوث التأثيرات الجانبية للعلاج، يحتمل أن تظهر على جلد مرضى العلاج الإشعاعي ردود فعل (احمرار أو جفاف) في الأجزاء التي تسلط عليها الأشعة العلاجية، كما قد يشعرون بالضعف على غير العادة، علاوة على احتمال الإصابة بإسهال وغثيان أو رغبة في التقيؤ.
ونذكر بأن تسليط العلاج الإشعاعي على أي جزء من أجزاء منطقة الحوض قد ينجم عنه آثار جانبية في الأعضاء التناسلية (كالعقم أو العجز)، ويعتمد حجم التأثيرات الجانبية الناجمة عن العلاج الكيميائي على نوع العقاقير المعطاة للمريض ومدى استجابته وعادة ما يؤثر هذا النوع من العلاج على خلايا الشعر، والخلايا المكونة للدم وخلايا الجهاز الهضمي ليصاب المريض بالتأثيرات الجانبية التالية: فقدان الشعر، وانخفاض تعداد خلايا الدم، والشعور بالغثيان أو برغبة في التقيؤ، غير أن هذه التأثيرات الجانبية عادة مؤقتة وما تلبث أن تزول بانتهاء المعالجة، ويعد فقدان الشهية للطعام بمثابة مشكلة لبعض مرضى السرطان.
وقد توصل الباحثون لنتيجة مفادها أن المرضى جيدي التغذية أقدر على تحمل تأثيرات العلاج الجانبية مما يفسر أهمية التغذية الجيدة في خطة العلاج، ونعني بالتغذية الجيدة تناول سعرات حرارية كافية لمنع فقدان الوزن، واحتواء الوجبة الغذائية على البروتين الكافي لبناء وتصليح الجلد والشعر والعضلات والأعضاء، ويشعر كثير من المرضى أن تناول عدة وجبات صغيرة متفرقة خلال اليوم أسهل من تناول ثلاث وجبات رئيسية.
* وماذا عن تكيف المريض مع السرطان؟
- عندما يصاب الأفراد بداء السرطان فإن تغيراً صعباً قد يطرأ على نمط حياتهم وحياة المحيطين بهم ممن يقومون على رعايتهم، فعندما يعرف الشخص أنه مصاب بداء السرطان تنتابه تبعاً لذلك عدة مشاعر متباينة، فتارة يشعر وذويه بالاكتئاب والغضب، وتارة أخرى تتلون مشاعره بأطياف من الرجاء واليأس أو الشجاعة والخوف، وما هذه إلا ردود فعل طبيعية لأفراد يتعايشون مع تغير غير مريح في حياتهم وعادة ما يصبح تكيف المرضى مع تلك المشاعر بصورة أفضل إذا ما تحدثوا عن مرضهم مع أفراد عائلتهم وأصدقائهم دون حرج، وثمة مخاوف معتادة لدى المرضى تتعلق بالمستقبل والفحوص الطبية ودخول المستشفى وفترة بقائهم فيه، وبالطبع فإن التحدث إلى الأطباء، والممرضات أو أي من أعضاء فريق الرعاية الطبية سيخفف كثيراً من قلق المرضى واضطرابهم، كما أن بإمكانهم أن يشكلوا طرفاً إيجابياً في اتخاذ القرارات المتعلقة بالرعاية الطبية المقدمة لهم بطرح الأسئلة حول الداء وسبل علاجه، ويفضل أن يقوم المرضى وأفراد عائلاتهم بتدوين الأسئلة التي يرغبون في طرحها على الطبيب بمجرد ما تتبادر إلى أذهانهم، كما أن كتابة الملاحظات خلال مراجعة الطبيب سيساعدهم في تذكر ما قيل، ونذكر من جانبنا بأن على المرضى أن لا يترددوا في طرح استفساراتهم على الطبيب أو طلب معاودة شرح ما التبس عليهم، كما يدور في خلد غالبية المرضى أسئلة هامة حول السرطان، يكون أطباؤهم أفضل من يجيبهم عليها، فمن المألوف أن تتولد لديهم الرغبة بمعرفة نوع السرطان الذي أصابهم وسبل علاجه ومدى نجاح ذلك.
* كلمة أخيره تود توجيهها للقراء؟
- وفي الختام، فالوقايه من تطور السرطان بإجراء فحوصات عادية روتينيه كفحص الدم الخفي بالبراز وCEA وESR بالدم تكشف المراحل الأوليه في تكون السرطان في 80% من الحالات، كما أن الشك وإجراء منظار القولون لكل أفراد عائله أحد أفرادها أصيب بسرطان القولون هو إجراء حتمي و واجب للكشف المبكر عن أية بوادر للسرطان عند بقية أفراد العائلة ذكوراً و إناثاً.
المصدر:
-
جريدة الجزيرة

















